اضطرابات الكبد، الاعراض والاسباب





 امراض الكبد

يمكن أن تؤثر على الكبد مجموعة من العوامل، بما في ذلك الفيروسات والأدوية والملوثات البيئية والاضطرابات الوراثية والأمراض الجهازية. عادةً ما تؤثر الاضطرابات الناتجة عن تلك العوامل على أحد المكونات الوظيفية الثلاثة: خلايا الكبد، أو الجهاز الصّفراوي (القُنيات الصفراوية)، أو الجهاز الوعائي الدموي. على الرغم من أن العوامل تميل إلى إحداث ضرر أوليّ في مكان واحد فقط من هذه الأماكن، فقد يؤدي المرض الناتج بمرور الوقت إلى التأثير في المكانين الأخريين. ولذلك، وعلى الرغم من أن التهاب الكبد الفيروسي (التهاب الكبد) غالبًا ما يؤثر على خلايا الكبد، فعادةً ما يؤدي إلى تلف القُنيّات، وهي قُنيّات صغيرة تنقل الصّفراء من خلايا الكبد.

وتتعافى معظم أمراض الكبد الحادة من تلقاء نفسها، وتعود وظائف الكبد إلى طبيعتها بمجرد إزالة الأسباب أو القضاء عليها. ومع ذلك، في بعض الحالات، يدمر استمرار المرض الحاد مساحات كبيرة من أنسجة الكبد في وقت قصير، ما يؤدي إلى موت (نخر) شامل للخلايا الكبدية. على سبيل المثال، عندما يستمر الالتهاب الكبدي الحاد لمدة ستة أشهر أو أكثر، يحدث تدمير بطيء ولكنه متزايد لخلايا الكبد والقنوات الصَفراوية المحيطة، وهي مرحلة تُسمى التهاب الكبد النشط المزمن. إذا كان تلف الخلايا الكبدية حاداً بالقدر الكافي لتدمير العُنيبات بأكملها (مجموعات من فُصيصات الكبد)، فغالبًا ما يحل نسيج ندبي ليفي محل النسيج السليم. تتجدد خلايا القُنيّات الصَفراوية وخلايا الكبد بطريقة غير منتظمة بالقرب من النسيج الندبي ويؤدي هذا إلى الإصابة بحالة مزمنة تُسمى تليف الكبد. عندما يستمر الالتهاب بشكل نشط بعد ظهور تليف الكبد، قد يؤدي التجدد غير المنتظم لخلايا الكبد والقُنيّات الصَفراوية إلى الإصابة بسرطان الكبد أو سرطان القُنيّات الصَفراوية.

الكبد فى جسم الانسان
الكبد فى جسم الانسان


التهاب الكبد

التهاب الكبد هو التهاب في الكبد ينتج عن مجموعة متنوعة من الأسباب المعدية وغير المعدية. تشمل العوامل المعدية التي تسبب الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسات والطفيليات. تشمل الأسباب غير المعدية بعض العقاقير وعوامل السمية. تنتج الإصابة بالتهاب الكبد في بعض الحالات بسبب استجابة المناعة الذاتية ضد خلايا الكبد في الجسم.

تظهر علامات وأعراض الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي الحاد عن تلف الكبد، وتكون متشابهة بغض النظر عن فيروس المسؤول عن ذلك الالتهاب. قد يعاني المرضى من أعراض مشابه لأعراض مرض الإنفلونزا، وتشمل الأعراض العامة مثل الغثيان والقيء وآلام البطن والحمى والإرهاق وفقدان الشهية، وتشمل الأعراض الأقل شيوعًا الطفح الجلدي وآلام المفاصل. ويُصاب المريض باليرقان في بعض الأحيان. اليرقان هو تراكم مفرط لصبغات الصّفراء في مجرى الدم والأنسجة الجسدية مما يؤدي إلى تغيُّر لون البشرة وبياض العينين والأغشية المخاطية إلى اللون الأصفر المائل إلى البرتقالي وأحيانًا يتغير اللون إلى الأخضر.

تحدث معظم حالات الإصابة بالتهاب الكبد بسبب العدوى الفيروسية. وتشمل الأمثلة للفيروسات التي تؤدي إلى الإصابة بالتهاب الكبد ما يلي: الفيروس المضخم للخلايا؛ وفيروس الحمى الصفراء؛ وفيروسات الحصبة، والنكاف، وجدري الماء. ومع ذلك، فإن مصطلح التهاب الكبد الفيروسي عادةً ما ينطبق فقط على حالات أمراض الكبد التي تسببها فيروسات التهاب الكبد.

هناك سبعة فيروسات معروفة من فيروسات التهاب الكبد، وهي فيروسات التهاب الكبد A،‏ وB،‏ وC،‏ وD،‏ وE،‏ وF،‏ و‏G. وتنتقل فيروسات التهاب الكبد A،‏ وE وF عن طريق تناول الطعام أو الشراب الملوث بالفيروس (يُسمى بالطريق الشرجي الفموي)؛ ويتفاقم انتشار هذه الفيروسات بسبب شدّة الازدحام ورداءة ممارسات الصحة العامة. تنتقل فيروسات B وC وD وG بشكل رئيسي عن طريق الدم أو سوائل الجسم.

التهاب الكبد A

التهاب الكبد A، الناجم عن فيروس التهاب الكبد A‏ (HAV)، هو أكثر الفيروسات شيوعًا في جميع أنحاء العالم. عادةً ما يظهر التهاب الكبد A ما بين 15 إلى 45 يومًا بعد التعرض للفيروس، ولا تظهر على بعض الأفراد المصابين، وخاصة الأطفال، أي أعراض مرضية. في معظم الحالات، لا يلزم اتباع طرق علاج خاصة غير الراحة في الفراش؛ ويتعافى معظم المصابين بشكل كامل من المرض.

التهاب الكبد B

التهاب الكبد B هو مرض أشد خطورة ويستمر لفترة أطول من التهاب الكبد A. وقد يكون في صورة مرض حاد، أو فيما يتراوح بين 5 إلى 10 في المائة تقريبًا من الحالات، يكون المرض مزمنًا ويؤدي إلى تلف كبدي دائم. وعادةً ما تظهر الأعراض من 40 يومًا إلى 6 أشهر بعد التعرض لفيروس التهاب الكبد B‏ (HBV). وهناك أشخاص أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الكبد B، بما فيهم مدمنو المخدرات عن طريق الحقن، والعاملون في مجال الرعاية الصحية الذين لم يتم تحصينهم بشكل ملائم، والخاضعون لعمليات زرع الأعضاء أو عمليات نقل الدم. كما يمكن أن ينتقل الفيروس من خلال العلاقات الجنسية مع شخص مصاب. يتوفر لقاح آمن وفعَّال ضد فيروس التهاب الكبد B‏ ويوفر الحماية لمدة خمس سنوات على الأقل.

التهاب الكبد C

عادةً ما ينتقل فيروس التهاب الكبد C‏ (HCV) عن طريق ملامسة الدم المصاب. قد تتسبب الإصابة بالعدوى في اعتلال صحي خفيف أو حاد يستمر لعدة أسابيع أو مدى الحياة؛ في أوائل القرن الحادي والعشرين، أُصيب ما يقدر بنحو 71 مليون شخص في جميع أنحاء العالم بعدوى فيروس التهاب الكبد C المزمنة. ما يبلغ نحو 80 في المائة من المصابين بالعدوى لا تظهر عليهم أعراض المرض؛ أما المصابون الذين تظهر عليهم الأعراض فيمرون بأعراض مشابهة لأعراض مرض الإنفلونزا، مصحوبة بالتعب والغثيان والقيء وأحيانًا الإصابة باليرقان. ما يقرب من 60 إلى 80 في المائة من العدوى المزمنة تتطور إلى مرض الكبد المزمن، مثل تليف الكبد أو سرطان الكبد. يشمل علاج التهاب الكبد C على مزيج من الأدوية المضادة للفيروسات.

أشكال أخرى من التهاب الكبد

لا يمكن أن تحدث الإصابة بفيروس التهاب الكبد D‏ (HDV) إلا بالاقتران مع عدوى فيروس التهاب الكبد B، نظرًا لأن الفيروس D لا يتكاثر إلا في وجود الفيروس B. فيروس التهاب الكبد E‏ (HEV) يشبه فيروس التهاب الكبد A‏. ينتقل فيروس التهاب الكبد E‏ مثلما ينتقل فيروس التهاب الكبد A‏، كما أنه يسبب العدوى الحادة فقط. ومع ذلك ، فإن آثار الإصابة بفيروس التهاب الكبد E أكثر حدة من الآثار التي يسببها فيروس التهاب الكبد A، وحالات الوفاة تكون أكثر شيوعًا.

تُنسب بعض حالات التهاب الكبد التي تنتقل عن طريق الطعام أو الشراب الملوث إلى الإصابة بفيروس التهاب الكبد F‏ (HFV)، والذي ظهر لأول مرة عام 1994. في عام 1996، تم عزل فيروس آخر -فيروس التهاب الكبد G‏ (HGV)- ومن المعتقد أنه المسؤول عن عدد كبير من الحالات التي تنتقل عن طريق الدم الملوث أو عن طريق العلاقات الجنسية مع شخص مصاب. يسبب فيروس التهاب الكبد G الشكلين الحاد والمزمن من المرض وغالبًا ما يصيب الأشخاص المصابين بالفعل بفيروس التهاب الكبد C.

تليف الكبد

تليف الكبد هو تغيُّر دائم في نسيج الكبد الطبيعي الذي يؤدي إلى تدهور وظائف خلايا الكبد واستبدالها بالنسيج الضام الليفي. لتليف الكبد أسباب عدة؛ وينطبق هذا المصطلح متى كانت النتيجة النهائية تندب أنسجة الكبد.

تليف "لينيك" أو التليف البابي سببه الأساسي هو الإفراط في تناول الكحوليات المزمن. العلاقة بين الكحول وتليف الكبد أمر لا شك فيه، إلا أن آلية الإصابة لا تزال مجهولة. فضلاً عن الإصابة بتليف الكبد، قد يعاني الشخص المصاب من اليرقان ونزيف الجهاز الهضمي والفشل الكُلوي.

في المرحلة المبكرة من تليف الكبد، يمكن الحفاظ على استقرار حالة المرض عن طريق الامتناع عن الكحول واتباع نظام غذائي مناسب. في هذه المرحلة، يتضخم الكبد أولاً؛ تصبح كبسولته الخارجية ملساء وممتدة، ويتحول لونه إلى اللون الأصفر بسبب زيادة الدهون. قد تتطور أنسجة ليفية وقنوات صَفراوية زائدة. في المرحلة التالية، تزداد كمية الأنسجة الليفية وبالتالي يصبح الكبد محبّبًا. يزداد سُمك الأوعية الدموية، وقد تنسد قنواتها مما يقلل تدفق الدم في العضو. تشمل المضاعفات في هذه المرحلة الغيبوبة والفشل الكُلوي واليرقان والعدوى وحالات النزف. في المرحلة المتقدمة من المرض، ينكمش الكبد وعادة ما يكون ملمس السطح خشنًا. وتفقد فصوص الكبد تركيبها الطبيعي وتختفي الدهون ورغم ذلك لا يؤدي النسيج المتبقي للكبد وظيفته بكفاءة.

هناك العديد من الأسباب الأخرى لتليف الكبد بالإضافة إلى تعاطي الكحول. يمكن أن ينتج تليف الكبد عن عدوى فيروسية، خاصة بعد الإصابة بالتهاب الكبد B أو C، كما أن أمراض تجمع الجليكوجين، والتليف الكيسي، ونقص ألفا-1 أنتيتريبسين، والسمنة يمكن أن تسبب تليف الكبد أيضًا. في داء ترسب الأصبغة الدموية يمتص الجسم كمية متزايدة من الحديد ويترسب في خلايا الكبد. يصبح الكبد محبّبًا وعقديًا، وقد تكون جزيئات الحديد كثيفة للغاية بحيث تضعف وظيفة خلايا الكبد. في مرض "ويلسون"، وهو حالة وراثية، تكون هناك زيادة في كمية النحاس الموجودة في الكبد. عادة ما يتحول الكبد إلى اللون الأخضر بسبب الصّفراء الموجود في الأنسجة، ويحدث التضخم والتليف وتغيرات الدهون وتظهر الخراجات عندما يكون المرض مزمنًا.

عادة ما تكون المضاعفات النهائية لتليف الكبد متشابهة بغض النظر عن السبب. يمكن أن يؤدي ارتفاع ضغط الدم في الوريد البابي إلى نزف في المريء والمعدة، أو يمكن أن يؤثر عدم توازن المواد الكيميائية في الدم -بسبب خلل في وظائف الكبد- على المخ ويسبب الغيبوبة الكبدية. عادةً ما تبدأ الغيبوبة الكبدية بالخمول والاضطراب، وتبلغ ذروتها بفقدان الوعي. قد تؤدي الإصابة باليرقان إلى تعقيد أي مرحلة من مراحل تليف الكبد. وعادة يصاحب تليف الكبد الوذمة (احتباس السوائل في الأنسجة) والاستسقاء (تراكم السوائل في التجويف الصفاقي (البريتوني) الذي ينتج عنه تورم في البطن.

يعتمد علاج تليف الكبد على سبب الإصابة. يمكن وقف تلف الكبد الناجم عن تليف الكبد عن طريق الامتناع عن الكحول. يتم علاج تليف الكبد الناجم عن التهاب الكبد أو مرض ويلسون بالأدوية.

سرطان الكبد

تتكاثر معظم خلايا الإنسان الطبيعية باستمرار من خلال عملية تُسمى انقسام الخلايا. يستمر هذا التكاثر بوتيرة سريعة نسبيًا حتى مرحلة البلوغ، عندما تتباطأ العملية وتتكاثر الخلايا بشكل أساسي لالتئام الجروح واستبدال الخلايا الميتة. ومع ذلك، تنمو الخلية السرطانية وتنقسم بلا توقف، وتزاحم الخلايا السليمة المجاورة وتنتشر في نهاية المطاف إلى أجزاء أخرى من الجسم.

تُعرف كتلة أو مجموعة الخلايا غير الطبيعية بالورم. عندما يبقي ورم بالمكان الذي تكوّن فيه ويُغلف في محفظة مكوّنة بشكل جيد، يُعرف بورم حميد. عندما يتكون الورم من خلايا مشوهة بشدة وتنمو بسرعة وتصيب الأنسجة المجاورة وتدمّرها، يُعرف بالورم الخبيث. هذه هي الأورام التي يشار إليها بالسرطان. وفي نهاية المطاف تنتقل العديد من الأورام الخبيثة، أو تنتشر في أجزاء أخرى من الجسم.

تنتشر سرطانات الكبد بصورة شائعة في إفريقيا وجنوب شرق آسيا والصين. يرتبط المرض بوضوح بالعدوى السابقة بفيروسي التهاب الكبد B أو التهاب الكبد C وأيضًا بتليف الكبد، وهو تندُّب في أنسجة الكبد ينتج عادة عن تعاطي الكحول. كما يزيد التعرض للعديد من المواد الكيميائية من خطر الإصابة بسرطان الكبد. تشمل هذه المواد الكيميائية كلوريد الفينيل (يُستخدم بشكل شائع في صناعة البلاستيك)، وثاني أكسيد الثوريوم (كان يُستخدم مع بعض إجراءات الأشعة السينية)، والأفلاتوكسين (سم ينتج عن فطريات من الفول السوداني الفاسد وبعض منتجات الحبوب)، والزرنيخ. عادة لا يتم اكتشاف سرطان الكبد في مراحله المبكرة، وبالتالي يمكن أن يظل خاملاً على المدى الطويل.

تابع مجلة زينة على أخبار جوجل