دعاء العشر الأواخر من رمضان مكتوب، مستجاب بإذن الله





دعاء العشر الأواخر من رمضان، نقدم لحضراتكم دائماً المميز فيما يخص مواضيع شهر رمضان المبارك. على عهدنا وما قدمناه سابقاً يدل على اهتمام القراء الأفاضل بما طرحناه سلفاً، لذلك نضع الآن اجمل أدعية "دعاء" العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك.

اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفوٌّ تُحب الْعَفْوَ فاعف عنا، دعاء العشر الاواخر من رمضان
اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفوٌّ تُحب الْعَفْوَ فاعف عنا، دعاء العشر الاواخر من رمضان

فها هي أيام رمضان تسارع مؤذنة بالانصراف والرحيل، وها هي أيام العشر تحل لتكون الفرصة الأخيرة لمن فرط في أول الشهر، أو لتكون التاج الخاتم لمن أصلح ووفي فيما مضى.

العشر الأخيرة من شهر رمضان سوق عظيم يتنافس فيه العاكفون وموسم يضيق فيه المفرطون، وامتحان تبتلى فيها الهمم، ويتميز أهل الآخرة من أهل الدنيا، طالما تحدث الخطباء وأطنب الوعاظ وأفاض الناصحون بذكر فضائل هذه الليالي، ويستجيب لهذا النداء الحاني قلوب من خالط الإيمان بشاشتها، فسلكت هذه الفئة المستجيبة طريق المؤمنين، وانضمت إلى قافلة الراكعين الساجدين، واختلطت دموع أصحابها بدعائهم في جنح الظلام، وربك يسمع ويجيب، وما ربك بظلام للعبيد.

أما الفئة الأخرى فتسمع النداء وكأنه لا يعنيها، وتسمع المؤمنين وهم يصلون في القيام لخالقهم وكأنه ليس لهم حاجة بل كأنهم قد ضمنوا الجنة.

فهل يتأمل الشاردون؟ وهل يعيد الحساب المفرطون؟

أيها القراء، هذه أيام شهركم تتقلص، ولياليه الشريفة تتقضى، شاهدة بما عملتم، وحافظة لما أودعتم، هي لأعمالكم خزائن محصنة، ومستودعات محفوظة، تدعون يوم القيامة: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ ﴾ آل عمران:30، ينادي ربكم: (يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه).

دعاء في الأيام العشرة الأخيرة من الشهر المبارك

الدعاء الذي ورد عن الرسول الكريم سيدنا محمد صل الله عليه وسلم :اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا.

حيث ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، بِمَ أَدْعُو؟ قَالَ: «قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي».
اللَّهُمَّ عافني في جَسَدِي، وَعافني في بَصَرِي، وَاجْعَلْهُ الوَارِثَ مِنِّي، لا إِلهَ إِلَّا أنْتَ الحَلِيمُ الكَرِيمُ، سُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ العَرْشِ العَظِيمِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ».

دعاء مستجاب بإذن الله: «اللهم عافنا في أبداننا وعافنا في أسماعنا وعافنا في أبصارنا أبدا ما أحييتنا، اللهم اعصمنا من الزلل والأخطاء، واجبر ما بنا من خلل، نعوذ بك من طول الأمل، وأن تحبط أعمالنا، اللهم إنا نعوذ بك من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها... سبحانك ربنا فأنت علي صراط مستقيم».

اللهم اجعل خير أعمالنا خواتمها وخير أعمارنا أواخرها وخير أيامنا يوم نلقاك اللهم اغفر لنا ما مضى وأصلح لنا ما بقي.

اللهم كما بلغتنا العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، بلغنا ليلة القدر المباركة، وارزقنا فضل هذه الليلة، وأجرها يا رب. اللهم تقبل منا صيام شهر رمضان المبارك، وتقبل منا الصلاة والقيام والذكر، وأجعل صيامنا في هذا الشهر الكريم شفيعاً لنا يوم القيامة.

اللهم إني أسألك بكل أسم سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته لأحد من رسلك، أن تغفر لي مامضي من الذنوب وما تقدم منها، وأن ترزقني من حيث لا احتسب، فانت الرزاق والوهاب.

اللهم اعصمنا من المعاصي والآثام، واشغلنا بخير ما يرضيك عنا، واشغلنا بك عن همومنا يا مفرج كل كرب، ويا غافر كل ذنب يا رب العالمين.

اللهم بلغنا ليلة القدر المباركة لا فاقدين ولا مفقودين.
يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني لنفسي طرفة عين. 

اللهم إني أسألك من فضلك ورحمتك فإنه لا يملكها إلا أنت سبحانك.

اللهم إني أسالك أن ترزقني من واسع فضلك برحمتك لا بعدلك.

يا رب اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا اللهم فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا برحمتك شر ما قضيت، إنك تقضي بالحق ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت.

اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار وفتنة القبر وعذاب القبر ومن شر فتنة الغني ومن شر الفقر، وأعوذ بك من شر فتنة المسيح الدجال.

دعاء العشر الأواخر من رمضان مكتوب: اللهمّ اغفر لي في أيام العتق من النار ما قدّمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما ‏أنت أعلم به منّي أنت المقدّم وأنت المؤخّر وأنت على كلّ شيءٍ قدير.

نهاية شهر رمضان المبارك

هذا هو شهركم، وهذه هي نهاياته، كم من مستقبل له لم يستكمله؟ وكم من مؤمل يعود إليه لم يدركه، هلا تأملتم الأجل ومسيره، وهلا تبينتم خداع الأمل وغروره.

إن كان في النفوس زاجر، وإن كان في القلوب واعظ، فقد بقيت من أيامه بقية، بقية وأي بقية، إنها عشره الأخيرة، بقية كان يحتفي بها نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم أيما احتفاء، في العشرين قبلها كان يخلطها بصلاة ونوم فإذا دخلت العشر شمر وجد وشد المئزر، هجر فراشه، أيقظ أهله، يطرق الباب على فاطمة وعلي رضي الله عنهما قائلا: (ألا تقومان فتصليان) يطرق الباب وهو يتلو: ﴿ وأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ واصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ والْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ طه: 132، ويتجه إلى حجرات نسائه آمرا وقائلا: (أيقظوا صواحب الحجر، فرب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة)، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بقي من رمضان عشرة أيام لا يدع أحدا من أهله يطيق القيام إلا أقامه.

نصائح للمسلمين في العشر الأواخر من شهر رمضان

أيها المسلمون، اعرفوا شرف زمانكم، واقدروا أفضل أوقاتكم، وقدموا لأنفسكم، لا تضيعوا فرصة في غير قربة.

إحسان الظن ليس بالتمني، ولكن إحسان الظن بحسن العمل، والرجاء في رحمة مع العصيان ضرب من الحمق والخذلان، والخوف ليس بالبكاء ومسح الدموع ولكن الخوف بترك ما يخاف منه العقوبة.

نعم، الدعاء الدعاء، عجوا في عشركم هذه بالدعاء، فقد قال ربكم عز شأنه: ﴿ وإذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي ولْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ ﴾ البقرة: 186، من هم هؤلاء العباد؟ الخلائق كلهم عباد الله، ولكن هؤلاء عباد مخصوصون إنهم العباد من أهل الدعاء، عباد ينتظرون الإجابة، إنهم السائلون المتضرعون، سائلون مع عظم رجاء ومتضرعون في رغبة وإلحاح: ﴿ وإذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإنِّي قَرِيبٌ﴾.

إن للدعاء من القلب المخلص، شأنا عجيبا، وأثرا عظيما في حسن العاقبة، وصلاح الحال والمآل والتوفيق في الأعمال والبركة في الأرزاق.

هذا الموفق الذي أدركه حظه من الدعاء ونال نصيبه من التضرع والالتجاء، يلجأ إلى الله في كل حالاته، ويفزع إليه في جميع حاجاته، يدعو ويدعى له، نال حظه من الدعاء بنفسه وبغيره، والداه الشغوفان، وأبناؤه البررة والناس من حوله كلهم يحيطونه بدعواتهم، أحبه مولاه فوضع له القبول، فحسن منه الخلق وزان منه العمل، فامتدت له الأيدي وارتفعت له الألسن تدعو له وتحوطه، ملحوظ من الله بالعناية والتسديد، وبإصلاح الشأن مع التوفيق.

أين هذا من محروم مخذول لم يذق حلاوة المناجاة، يستنكف عن عبادة ربه، ويستكبر عن دعاء مولاه، محروم سد على نفسه باب الرحمة، واكتسى بحجب الغفلة.

إن نزع حلاوة المناجاة من القلب أشد ألوان العقوبات والحرمان، ألم يستعذ النبي صلى الله عليه وسلم من قلب لا يخشع وعين لا تدمع ودعاء لا يسمع؟.

إن أهل الدعاء الموفقين حين يعجون إلى ربهم بالدعاء، يعلمون أن جميع الأبواب قد توصد في وجوههم إلا بابا واحدا هو باب السماء، باب مفتوح لا يغلق أبدا، فتحه من لا يرد داعيا ولا يخيب راجيا، فهو غياث المستغيثين، وناصر المستنصرين، ومجيب الداعين.

أيها المجتهدون، يجتمع في هذه الأيام أوقات فاضلة وأحوال شريفة، العشر الأخيرة، جوف الليل من رمضان، والأسحار من رمضان، دبر الأذان والصلوات المكتوبات، أحوال السجود، وتلاوة القرآن، مجامع المسلمين في مجالس الخير والذكر، كلها تجتمع في أيامكم هذه، فأين المتنافسون؟ فاجتهدوا بالدعاء سلوا ولا تعجزوا ولا تستبطئوا الإجابة.

فيعقوب عليه السلام فقد ولده الأول ثم فقد الثاني في مدد متطاولة، ما زاده ذلك بربه إلا تعلقا: ﴿ عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إنَّهُ هُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ ﴾ يوسف: 83، ونبي الله زكريا عليه السلام؛ كبر سنه واشتعل بالشيب رأسه ولم يزل عظيم الرجاء في ربه حتى قال محققا: ﴿ ولَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًا ﴾ مريم:4، لا تستبطئ الإجابة أخي القارئ فربك يحب تضرعك، ويحب صبرك، ويحب رضاك بأقداره، رضا بلا قنوط، يبتليك بالتأخير لتدفع وساوس الشيطان، وتصرف هاجس النفس الأمارة بالسوء، وقد قال نبيك محمد صلى الله عليه وسلم: (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجيب لي).

فضائل الاعتكاف في رمضان

كما يجمل الدعاء وتتوافر أسباب الخير ويعظم الرجاء، حين يقترن بالاعتكاف، فقد اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الأيام حتى توفاه الله.

عجيب هذا الاعتكاف في أسراره ودروسه؟ المعتكف، ذكر الله أنيسه، والقرآن جليسه، والصلاة راحته، ومناجات الحبيب متعته، والدعاء والتضرع لذته.

إذا أوى الناس إلى بيوتهم وأهليهم، ورجعوا إلى أموالهم وأولادهم لازم هذا المعتكف بيت ربه وحبس من أجله نفسه، ويقف عند أعتابه يرجو رحمته ويخشى عذابه، لا يطلق لسانه في لغو ولا يفتح عينه لفحش ولا تتصنت أذنه لبذاء، سلم من الغيبة والنميمة، جانب التتابز بالألقاب، والقدح في الأعراض، ومسارقة الطبع من الأخلاق الرديئة، استغنى عن الناس وانقطع عن الأطماع، علم واستيقن أن رضا الناس غاية لا تدرك.

في درس الاعتكاف انصرف المتعبد إلى التفكير في زاد الرحيل وأسباب السلامة، السلامة من فضول الكلام، وفضول النظر، وفضول المخالطة.

في مدرسة الاعتكاف يتبين للعابد أن الوقت أغلى من الذهب فلا يبذله في غير حق، ولا يشتري به ما ليس بحمد، يحفظه عن مجامع سيئة، بضاعتها أقوال لا خير في سماعها، ويتباعد به عن لقاء وجوه لا يسر لقاؤها.

أيها المسلمون، أوقاتكم فاضلة تشغل بالدعاء والاعتكاف، وتستغل فيها فرص الخير وإن من أعظم ما يرجى فيها ويتحرى ليلة القدر: ﴿ ومَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القَدْرِ ﴾، من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.

ليلة خير من ألف شهر، خفي تعينها اختبارا وابتلاء، ليتبين العاملون وينكشف المقصرون، فمن حرص على شيء جد في طلبه، وهان عليه ما يلقى من عظيم تعبه. إنها ليلة تجري فيها أقلام القضاء بإسعاد السعداء وشقاء الأشقياء: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ الدخان:4، ولا يهلك على الله إلا هالك.

هذه الأيام، أعظم الأيام فضلا وأكثرها أجرا، تصفو فيها لذيذ المناجاة، وتسكب فيها غزير العبرات، كم لله فيها من عتيق من النار؟ وكم فيها من منقطع قد وصلته توبته؟ المغبون من انصرف عن طاعة الله، والمحروم من حرم رحمة الله، والمأسوف عليه من فاتت فرص الشهر، وفرط في فضل العشر، وخاب رجاؤه في ليلة القدر، مغبون من لم يرفع يديه بدعوة، ولم تذرف عينه بدمعة، ولم يخشع قلبه لله لحظة.

ويحه ثم ويحه أدرك الشهر. ألم يحظ بمغفرة؟ ألم ينل رحمة؟ يا بؤسه ألم تقل له عثرة؟ ساءت خليقته وأحاطت به خطيئته، قطع شهره في البطالة وكأنه لم يبق للصلاح عنده موضع، ولا لحب الخير في قلبه منزع، طال رقاده حين قام الناس؟ هذا والله غاية الإفلاس. عصى رب العالمين، واتبع غير سبيل المؤمنين؟ أمر بالصلاة فضيعها، ووجبت عليه الزكاة فانتقصها ومنعها؟ دعته دواعي الخير فأعرض عنها، مسئولياته قصر فيها، وقصر فيمن تحت يديه من بنين وبنات يفرط في مسئولياته وقد علم أن من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يوقظ أهله، أما هذا فقد اشتغل بالملهيات وقطع أوقاته في الجلبة في الأسواق والتعرض للفتن.

تابع مجلة زينة على أخبار جوجل